U3F1ZWV6ZTM1NDI5NDY5MDczNTIzX0ZyZWUyMjM1MTk3MjcwODI2Ng==

حديث الإفك ,موقع الحياة العامة .

                             حديث الإفك 

  أما الحديث عن الإفك فقد أخرج ابن إسحاق عن 
الآية التي نزلت في السيدة عائشة
عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه .
فلما كان غزوة بني المصطلق خرج سهمي عليهن معه ،فخرج بي رسول الله صلي الله عليه وسلم .
قالت :وكنت إذا رحل لي بعيري جلست في هودجي ،ثم يأتي القوم الذين كانوا يرحلون لي فيحملونني ويأخذون بأسفل الهودج،فيرفعونه فيضعونه علي ظهر البعير فيشدونه بحباله،ثم يأخذون برأس البعير فينطلقون به .
قالت :فلما فرغ رسول الله صلي الله عليه وسلم من سفره ذلك وجه قافلا حتي إذا كان قريباً من المدينة نزل منزلا فبات به بعض الليل ،ثم أذن مؤذن في الناس بالرحيل ،فارتحل الناس ،وخرجت لبعض حاجتي ،قبل أن يؤذّن في الناس بالرحيل ،وفي عنقي عقد لي فيه جزع ظفار (خرز يماني ).فلما فرغت انسل من عنقي ولاأدري .
فلما رجعت إلي الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده ،فرجعت إلي مكاني الذي ذهبت إليه فألتمسته حتي وجدته ،وجاء القوم خلافي الذين كانوا يرحلّون لي البعير فانطلقوابه ،
فرجعت إلي العسكر ومافيه من داع ولامجيب ،قد انطلق الناس .قالت:
فتلففت بحجابي ،ثم اضطجعت في مكاني ،وعرفت أن لو افتقدت لرجع الناس إليّ .
قالت: فوالله !إني لمضطجعة إذ مرّبي صفوان بن المعطّل السلمي رضي الله عنه ،وكان قد تخلف عن العسكر لبعض حاجته ،فلم يبت مع الناس ،فرأي سوادي ،فأقبل حتي وقف عليّ وقد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب .
فلما رآني قال:
إنا لله وإنا إليه راجعون !ظعينة رسول الله صلي الله عليه وسلم ،وأنا متلففة في ثيابي .
قال:ماخلّفك _يرحمك الله ؟
قاالت :
فماكلمته ،ثم قرّب إليّ البعيرفقال :اركبي واستأخر عنّي .
قالت : فركبت ،وأخذ برأس البعير فانطلق سريعا يطلب الناس ،فوالله !ماأدركنا الناس وماافتقدت حتي أصبحت ونزل الناس .
فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بي فقال أهل الأفك ماقالوا ،فاضطرب العسكر ووالله !
ماأعلم بشيء من ذلك .
ثم قدمنا المدينة فلم ألبث أن اشتكيت شكوي شديدة لا يبلغني من ذلك شيء ،وقد انتهي الحديث إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وإلي أبوي .
لايذكرون لي منه قليلا ولاكثيرا إلا أني قد انكرت من رسول الله صلي الله عليه وسلم بعض لطفه بي ،كنت إذا اشتكيت رحمني ولطف بي فلم يفعل ذلك بي في شكواي تلك،فأنكرت ذلك منه .
كان إذا دخل علي ّ وعندي أمي تمرضني .قال :
"كيف تيكم "لايزيد علي ذلك .
قالت : حتي إذا وجدت في نفسي فقلت :
يارسول الله لو أذنت لي فانتقلت إلي أمي فمرضتني .قال :لاعليك .
قالت :
فانقلبت إلي أمي ،ولاعلم لي بشيْ مماكان ،حتي إذا نقهت من وجهي بعد بضع وعشرين ليلة .
فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مسطح ابنة أبي رهم بن المطلب .قالت :
فوالله !إنها لتمشي معي إذا عثرت في مرطها .فقالت:
تعس مِسْطح!
قلت :بئس لعمر الله !..ماقلت لرجل من المهاجرين شهد بدرا.
قالت:أومابلغك الخبر يابنت أبي بكر ؟
قلت:ومالخبر ؟
فأخبرتني بالذي كان من قول الإفك .
قلت:أوقد كان هذا ؟
قالت :نعم والله لقد كان .
قالت:
فوالله !ماقدرت علي أن أقضي حاجتي ،ورجعت ،فوالله!مازلت أبكي حتي ظننت أن البكاء سيصدع كبدي .
وقلت لأمي :يغفر الله لك!تحدث الناس بما تحدثوا به ،ولاتذكرين لي من ذلك شيئا.
قالت:أي بنية!خففي عليك الشأن ،فوالله !لقلّما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها ،لها ضرائر ،إلاكثّرن وكثّر الناس عليها .
قالت : وقد قام رسول الله صلي الله عليه وسلم فخطبهم _ولاأعلم بذلك _فحمد الله وأثني عليه !ثم قال :(أيها الناس مابال رجال يؤذونني في أهلي ويقولون عليهم غير الحق ؟والله!ماعلمت منهم إلاخيرا .ويقولون ذلك لرجل والله ماعلمت منه إلا خيرا ،ولايدخل بيتاًمن بيوتي إلا وهومعي ).
قالت:
وكان كِبْرُذلك عند عبد الله بن أبي بن سلول في رجال من الخزرج مع الذي قال مِسطح وحمنة بنت جحش وذلك أن أختها زينب بنت جحش رضي الله عنها كانت عند رسول الله صلي الله عليه وسلم ولم تكن امرأة من نسائه،تناصيني في المنزلة عنده غيرها ،فأما زينب رضي الله عنها فعصمها الله بدينها فلم تقل إلا خيرا،وأما حمنة فأشاعت من ذلك ماأشاعت تضادّني لأختها ،فشقيت بذلك .
ونزل رسول الله صلي الله عليه وسلم فدخل عليّ ،فدعا علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما فاستشارهما ،فأما أسامة فأثني عليً خيراوقال :يارسول الله أهلك ومانعلم منهم إلاخيرا،وهذا الكذب والباطل ،وأما علي فإنه قال:
يارسول الله ،إن النساء لكثير ،وإنك لقادر علي أن تستخلف .وسل الجارية فإنها ستصدقك فدعا رسول الله بريرة يسألها .
قالت :
فقام إليها علي فضربها ضرباً شديداً ويقول :اصدقي رسول الله .
قالت :
والله ماأعلم إلاخيرا،وماكنت أعيب علي عائشة شيئاً إلاأني كنت أعجن عجيني فآمرها أن تحفظه ،فتنام عنه ،فتأتي الشاة فتأكله .
قالت:
ثم دخل عليّ رسول الله صلي الله عليه وسلم ،وعندي أبواي ،وعندي امرأة من الأنصار وأنا أبكي وهي تبكي .
فجلس فحمد الله وأثني عليه !ثم قال:
(ياعائشة ..إنه قد كان مابلغك من قول الناس ،فاتقي الله .وإن كنت قد فارقت سواء مما يقوله الناس ،فتوبي إلي الله فإن الله يقبل التوبة من عباده ).
قالت:فوالله ماهو إلا أن قال لي ذلك ،فقلص دمعي حتي ماأحس منه شيئا،وانتظرت أبوي أن يجيبا عنّي رسول الله فلم يتكلما .
قالت:وايم الله !لأنا كنت أحقر في نفسي وأصغر شأنا من أن ينزل الله فيّ قرآن يُقرأ به ويصلي به ،ولكني كنت أرجوأن يري النبي صلي الله عليه وسلم في نومه شيئا يكذب الله به عنّي لما يعلم من براءتي ،ويخبرخبرا،وأما قرآنا ينزل فيّ فوالله ! لنفسي كانت أحقر عندي من ذلك .
قالت: فلمّا لم أر أبوي يتكلمان قلت لهما : ألا تجيبان رسول الله ؟فقالا:والله ماندري بمانجيبه.قالت :ووالله !ماأعلم أهل بيت دخل عليهم مادخل علي آل أبي بكر في تلك الأيام .

قالت:فلما استعجما علي استعبرت فبكيت ثم قلت :والله !لاأتوب إلي الله مما ذكرت والله !
إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس _والله يعلم أني منه بريئة -لأقولن مالم يكن ،ولئن أنا أنكرت مايقولون لاتصدقونني .
قالت:ثم االتمست اسم يعقوب فماأذكره .فقلت :ولكن سأقول كما قال أبو يوسف :
"فصبر جميل والله المستعان علي ماتصفون ".
قالت :
فوالله ! مابرح رسول الله صلي الله عليه وسلم مجلسه حتي تغشاه من الله ماكان يتغشاه ،فسجّي بثوبه ،ووضعت وسادة من أدم تحت رأسه ،فأما أنا حين رأيت من ذلك مارأيت ،فوالله !مافزعت وماباليت قد عرفت أني بريئة ،وأن الله غير ظالمي ،وأما أبواي ،فوالذي نفس عائشة بيده ! ماسري عن رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي ظننت لتخرجن أنفسهما فرقا من أن يأتي من الله تحقيق ماقاله الناس .قالت ثم سري عن رسول الله صلي الله عليه وسلم فجلس وانه ليتحدر من وجهه مثل الجمان في يوم شات ،فجعل يمسح العرق عن وجهه ويقول:(أبشري ياعائشة !قدأنزل الله عزوجل براءتك).قالت :قلت الحمد لله!
ثم خرج إلي الناس فخطبهم وتلا عليهم ماأنزل الله عزوجل من القرآن في ذلك ،ثم أمر بمسطح بن أثاثة ،وحسان بن ثابت رضي الله عنهما،وحمنة بنت جحش رضي الله عنها وكانوا من أفصح بالفاحشة فضربوا حدّهم .
وأخرجه أيضا الإمام أحمد وفي سياقه :
قالت: فقالت لي أمي :قومي إليه .فقلت :والله !لاأقوم إليه ،ولا أحمد إلا الله عزوجل الذي أنزل براءتي ،وأنزل الله عزوجل :(إن الذين جاءو بالإفك عصبة منكم لاتحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امريء منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولي كبره منهم له عذاب عظيم .لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين .
لولا جاءو عليه بأربعة شهداء فإذلم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون .ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ماأفضتم فيه عذاب عظيم ،إذ تلقّونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ماليس لكم به علم وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم ،ولولا إذ سمعتموه قلتم مايكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم .
يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم مؤمنين.ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم .إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لاتعلمون .ولولافضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم .)
وحديث الإفك ،الذي تناول بيت النبوة الطاهر الكريم ،وعرض رسول الله صلي الله عليه وسلم أكرم إنسان علي الله ،وعرض صديقه الصديق أبي بكر رضي الله عنه أكرم انسان علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ،وعرض رجل من الصحابة صفوان بن المعطل رضي الله عنه يشهد رسول الله أنه لم يعرف عليه إلاخيرا..
هذا الحادث ..قد كلف أطهر النفوس في تاريخ البشرية آلاما لاتطاق ،وكلف الأمة الإسلامية كلها تجربة من أشق التجارب في تاريخها الطويل ،وعلق قلب رسول الله وقلب زوجه عائشة التي يحبها ،وقلب أبي بكر الصديق وزوجه ،وقلب صفوان ..شهراًكاملاً.
علقها بحبال الشك والقلق والألم الذي لايطاق .
والحادث مليء بالعبر ..يحتاج من يريد أن يعلق علي مجمل حوادثه غلي كتاب كامل ..لقد أراد المرجفوت النيل من الإسلام ومن صاحب الرسالة فاختاروا هدفهم في شخص السيدة عائشة بنت الصديق .فقدكانت شخصية هامة علي كل الأصعدة :
الأقرب من قلب رسول الله ،والأفقه في دين الله ،ومن بيت الصديق أقرب المؤمنين إلي رسول الله ،تراعي المسلمات اجتماعيا،صاحبة رأي وفكر ..ومن هنا فإن تسديد الهدف لهذه الشخصية الكبيرة سيكون ذا واقع كبيروتأثير شديد علي الإسلام وعلي صاحب الرسالة.



                                 #  وسام البراءة :

عائشة البريئة ..كانت تدرك أن الله تعالي مبرئها ..ولكنها لم تتوقع أن ينزل الله تعالي في شأنها قرآنا يتلي .(ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيّ بأمر يتلي .ولكن كنت أرجو أن يري رسول الله صلي الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله تعالي بها )..

وهكذا رفع القرآن من مكانة المرأة ،واهتم رب العزة لقضيتها..وأنزل فيها قرآنا يتعبد المسلمون بقراءته إلي ماشاء الله ..فبعد أن كانت المرأة في أنحاء الدنيا في جاهلية العرب وخارجها إنسانا هامشيا لايحسب له أحد حسابا ..إذا به تنشغل السماء بمظلمته ..وينزل القرآن ..يبرأصاحبه هذه المظلمة .

واستعلت عائشة بالوسام القرآني ..وكانت تفاخر أبدا بقولها:( أنا التي أنزلت براءتي من السماء ).
ولم يكن وساماً لصدر أم المؤمنين عائشة فحسب بل ولصدر جميع بناتها المسلمات الداعيات في كل مصر وعصر .
يمكنكم معرفة السيرة الذاتية للسيدة عائشة من خلال قراءة مقال :" السيدة عائشة أم المؤمنين "الفقيهه ..السياسية "



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة