U3F1ZWV6ZTM1NDI5NDY5MDczNTIzX0ZyZWUyMjM1MTk3MjcwODI2Ng==

السلطان محمد الفاتح "فاتح القسطنطينية "،موقع الحياة العامة.

                السلطان محمد الفاتح "فاتح القسطنطينية "             

السلطان محمد الفاتح.
يعد السلطان محمد الفاتح من أعظم سلاطين آل عثمان ،وصل إلي درجة كان يعتبر معها محوراً للسياسة الدولية في عهده ،وصاحب الكلمة الأولي في مختلف الشؤون العالمية .

وشملت علاقاته السياسية والحربية أوروبا وآسيا وأفريقيا ،ويعتبر بحقٍ موطد السيادة العثمانية في أوروبا ،ومبدد الأحلاف الصليبية .
وهو أول سلطان عثماني اشتهر عند الأوروبيين وكثر حديثهم عنه ،بل وأول حاكم إسلامي أطلق عليه أهل أوروبا السيد العظيم .
ويوم أعلنت وفاته ،أقامت البابوية في روما الحفلات والمهرجانات ودقت أجراس الكنائس ابتهاجاً بذلك .

                                     مولده ونشأته :

            
أعظم سلاطين آل عثمان

ولد السلطان محمد الفاتح بأدرنة في السابع من رجب سنة 833هجرياًُ (20 أبريل 1429م)،وقضي طفولته في أدرنة عاصمة الدولة العثمانية في ذلك الوقت ،تحت إشراف والده ..فقد اهتم والده بتنشئته وتربيته جسمياًوعقلياً ودينياً..وأقام عليه معلماً من خيرة أساتذة عصره ،هو الملا أحمد بن إسماعيل الكوراني ..المشهود له بالعلم والفقه والفضل ..وكان محمد الفاتح يطلق عليه اسم (أبو حنيفة زمانه).
والدته السلطانة خديجة عليمة كريمة اسفنديار بك من أسرة الاسفنديارية .
كان العالم في تلك الفترة مشغولاًبفتوحات العثمانين في أوروبا ،وباالصراع العثماني _الأوروبي ،فقد كانت الفكرة التي تحكم العثمانين هي جمع العالم الإسلامي في دولة واحدة .
ولم يكن العالم حينذاك كاليوم في عدده ،فلم يتجاوز سكان العالم ال400 مليون نسمة ،275 مليون في آسيا و70 مليوناً في أوروبا و40 مليوناً في أفريقيا و15 مليوناً في أمريكا .

ولقد حاول بايزيد الصاعقة تحقيق الوحدة الإسلامية بحرب المماليك في الشام ومصر وضم ممتلكاتهم إلي الدولة العثمانية لولا ظهور تيمورلنك وانتصاره علي بايزيد عاام 1402م.
وكان لدي محمد الفاتح مثل هذا الطموح لولا وفاته.

    وإذا كان والد محمد الفاتح (السلطان مراد الثاني)من أعظم 
سلاطين آل عثمان ..فقد ورث عنه ابنه الجلد والشجاعة وشدة المراس                               
السلطان (مراد الثاني)


والصبر علي المكاره وعدم اليأس .
وأخذ عنه المعرفة بأمور الحرب ،والإتقان في وضع الخطط الحربية ،وحصار المدن ،وقيادة العمليات العسكرية ،وتشرب روح الدين الإسلامي ،ودرس تاريخ الإسلام المجيد من عهد النبي صلي الله عليه وسلم حتي عصره ،بما يحويه من بطولات وسجايا عظيمة..
ومنذ صغره كان والده السلطان مراد الثاني يستصحبه معه إلي بعض المعارك ،ليعتاد مشاهد الحرب والطعان ومناظر الجنود في تحركاتهم واستعداداتهم ونزالهم .وليتعلم قيادة الجيوش وفنون القتال عملياً ،حتي إذا ماولي السلطنة وخاض غمار المعارك خاضها عن دراية وخبرة .



                              علمه وثقافته :

               
         
أحدأقوال السلطان محمد الفاتح.
خضع السلطان محمد _شأنه في ذلك شأن كل أمير عثماني _لنظام تربوي صارم تحت إشراف مجموعة من علماء عصره المعروفين .أخضعه شيوخه إلي دراسة أكاديمية منظمة وهو مايزال غضاً فتعلم القرآن والحديث والفقه من علماء الدين ،وكان المشرفون علي تعليمه من أساطين العلماء وفي مقدمتهم آق شمس الدين ،والملا الكوراني (كان عالماً موسوعياً في شتي علوم عصره ).
وممن تتلمذ عليه محمد الفاتح أيضاً الشيخ ابن التمجيد ،فقد كان إلي جانب صلاحه وتقواه شاعراً حسن النظم بالعربية والفارسية ،ومهم الشيخ خير الدين والشيخ سراج الدين الحلبي .وإلي جانب هؤلاء الشيوخ الفقهاء أحضر السلطان مراد إلي ابنه محمد معلمين آخرين في الرياضيات والجغرافيا والفلك والتاريخ واللغات المختلفة .

وقد حذق الفتي محمد من اللغات _فضلاً عن لغته التركية _:العربية والفارسية واللاتينية والإغريقية والسلافية وبعضاًمن الإيطالية .
وكان بجانب إلمامه بهذه اللغات واسع الإطلاع علي آدابها ويتذوق الجميل منها.
وكان مما قصد إليه السلطان  الفاتح من تعلم اللغات الأجنبية كاللاتينية والإغريقية أن يتمكن من الاتصال المباشر بشعوبه العديدة ذات الألسنة المختلفة ،يخاطبها بلغتها،ويقف علي أحوالها بنفسه .

وكان السلطان محمد الفاتح فوق ذلك مغرماً بالفنون ،فكان يجيد التصوير والرسم والعزف علي الآلات الموسيقية وينظم الشعر.
وللفاتح ديون شعر باللغة التركيه معظمه في الغزل ،وقد طبع في تركيا بعنوان (ديوان الفاتح) Fatih Divaniوذلك في سنة 1944م.

نشأ السلطان الفاتح مهتماً بدراسة ابتاريخ ،مغرما بقراءة سير العظماءوالأبطال، فقرأبإمعان حياة القياصرة :أوغسطس ،وقسطنطين الأكبر،وتيودوسيوس الأكبر،وأعجب بشخصية الإسكندر المقدوني أيما إعجاب ،فقد لمح فيه صورةمن نفسه ،ؤأي فيها قوة النفس ،وصحة العزم ،وسرعة التنفيذ بعد إحكام الخطة وعدم التردد.

ولم يكن شغف الفاتح بالقراءة ونهمه بالمزيد من الإطلاع يقفان عند حد ،فكان يقرأكل مايري فيه فائدة ومتعة لعقله وفكره أويكسبه تجارباً في الحياة .فقرأ فيما قرأ كتاباً في سيرة تيمور لنك التتري ،وهو الذي هزمجده بايزيد الأول وعرض الدولة العثمانية للفناء ،وأخذ معه جد الفاتح (بايزيد)في قفص حديدي إلي عاصمته في أواسط آسيا ،ولم ير غضاضة في ذلك أونيلاً من مقامه ،وذلك حتي يعرف عن خططه شيئاً يستفيد منه .

عهد إليه أبوه بإمارة مغنيسيا وهو صغير السن ،ليتدرب علي إدارة شؤون الدولة وتدبير أمورها ،تحت إشراف مجموعة من كبار علماء عصره ،مثل:
الشيخ آق شمس الدين ،والملا الكوراني ،وهو ماأثر في تكوين شخصية الأمير الصغير ،وتأسيس اتجاهاته الفكرية والثقافية علي أسس إسلامية صحيحة .وقد نجح آق شمس الدين في أن يبعث في روحه حب الجهاد ،والتطلع إلي معالي الأمور ،وأن يلمح له بأنه المقصود ببشارة النبي صلي الله عليه وسلم في فتح القسطنطينية.

وقد دأب محمد الفاتح منذ أن كان اميراً علي (مغنيسيا)في حياة والده علي مراسلة العلماء والمثقفين من الأمراء في فارس والهند والتركستان ومصر وغيرها من البلاد الإسلامية .
وبقي الفاتح علي هذه السنة الحسنة حتي بعد توليه السلطنة ،وكان يرسل إلي (خواجه جيهان)_أحد كبار الهند ومتصوفيها _ألف دوقية كل عام ،وكذلك إلي الملا عبد الرحمن الجامي من أعاظم العلماء وشعراء إيران في ذلك العصر .وأيضاً كان يراسل من علماء مصر الشيخ محمد بن سليمان المحيوي أستاذ السيوطي العالم المصري المعروف ،ذكر ذلك السيوطي في كتابه (بغية الوعاة في طبقات اللغوييين والنحاة ).
فلاعجب إذن من توافد العلماء والأدباء والشعراء والفنانين من كل صوب إلي عاصمة ملكه ،ولاعجب أن اجتمع في بلاطه من جميع هؤلاء العديد ،من ترك وفرس وعرب ولاتين .

                        الحروب الصليبية :

عاش السلطان محمد الفاتح في وقت اشتد فيه الحماس الديني وخاصة بين الإسلام والنصرانية .لقد بدأت أوروبا حملاتها الصليبية ضد المسلمين ،بعضها عن طريق البحر الأبيض المتوسط والتي انتهت باحتلال بيت المقدس الذي جعلوه عاصمة لمملكتهم الصليبية ..وبعض هذه الحملات جاءت عن طريق القسطنطينية عبر آسيا الوسطي ..فلما تمكن العثمانيون في بلادهم ..ردوا لأوروبا عدوانها ..ونقلوا ميدان الصراع من بلدان المسلمين إلي أوروبا ذاتها.
وإذا كان المسلمون في صراعهم لايتخلون عن أخلاقهم ورحمتهم بعدوهم ..كما فعل صلاح الدين في معركة حطين ..وكما فعل محمد الفاتح مع البيزنطينين بعد فتح القسطنطينية ..فإن النصاري كانوا يعاملون المسلمين الذين يقعون بأيديهم بمنتهي القسوة ..وهذا مافعله (هونياد )المجري (فارس الأفلاق )كمايسميه الصليبيون ،وما فعله البنادقة وإمبراطور القسطنطينية وغيرهم من أمراء أوروبا من فظاعة وإجرام بعيد كل البعدعن العاطفة الإنسانية والشرف والأمانة العسكرية .

                           صفاته الشخصية :

  • كان السلطان محمد الفاتح ،كماورد في كتاب التراجم والآثار ،قمحي اللون ،متوسط الطول ،متين العضلات ،كثير الثقة بنفسه ،ذا بصر ثاقب ،وذكاء حاد ،ومقدرة علي تحمل المشاق ،يحسن ركوب الخيل واستعمال السلاح ،ندر أن أدي الصلاة في غير مسجد جامع، يريد بذلك التقرب من الله سبحانه وتعالي، وأن يوفق للعمل المفيد لشعبه وللإسلام .كان محباً للتفوق ،ميالاً للسيطرة ،طموحاً ،سريعاً في فهم المواقف،يحسن معالجة الأمور ،كبير اليقظة بعيد النظر .وكان محباً للعلماء ورجال الأدب ولاتخلومائدته من بعضهم ،ويجد متعة في مناقشتهم وسماع نتائجهم ،واتخذ من ندمائه الأدباء والشعراء والفلالسفة ورجال الفكر ،ومن لم يستطع الوصول إلي بلاطه كان يراسله ويقدم إليه الهداياوالأموال في المناسبات .
وفوق ذلك كان السلطان محباً للفنون ولاسيما الموسيقي والرسم ،ويتذوق الأدب ويحفظ الشعر الجميل وينشده ،ويهتم بدراسة الفلك .وكان يحسن استغلال دراسته وعلمه في تقويم نفسه وإصلاح عقله والتأثير علي المحيطين به .
  • وكان السلطان محمد الفاتح يعيش حياة بسيطة للغاية لاتعدوالقراءة والتدريب علي فنون الحرب ثم الصيد .كان عدواً للترف ،عاداته غير معقدة ،ومائدته بسيطة كل البساطة ،ولم يكن له ندماء كما هو معروف وشائع عن هذه الكلمة ،ولا محظيات بالمعني الذي كان يفهمه سلاطين وأمراء ذلك العصر ،مسلمين ونصاري ،فعاش بعيداً عن الاختلاط المبتذل في جو هاديء وسط أسرته ورجال دولته ،أو في جو صاخب كله نزال ونضال وحرب .
  • ولم يكن ممتازاً في الناحيتين الثقافية والعسكرية فحسب ،بل كانت كفايته الإدارية والقانونية عظيمة للغاية ،فقد أنشأ دولة عظيمة ،وبني ملكاً كبيراً .
فهو بحق الذي وطد دعائم الملك العثماني ،وقنن القوانين ،وعمل علي استقرار الحياة الداخلية ،وأشاع الأمن والطمأنينة بين شعبه مسلمين ونصاري وغيرهم من أهل الديانات الأخري.

أهم الصفات القيادية التي كان يتمتع بها محمد الفاتح :

  1. الحزم ..ظهر ذلك عندما رأي تقصيراً أو تكاسلاً من جانب قائد الأسطول العثماني (بالطة أوغلو)،فأرسل إليه وقال :(إما أن تستولي علي هذه السفن وإما أن تغرقها،وإذا لم توفق في ذلك فلاترجع إلينا )،وعزله عندما فشل في مهمته وجعل مكانه قائداً آخرهو (حمزة باشا).

 

           2_الشجاعة.. تلك مزيته الكبري ..فكان علي سنة أجداده ،يخوض المعارك بنفسه ،ويقاتل الأعداء بسيفه ،وعند فتح البغداد ..انهالت علي الجيش العثماني مدافع العدو من بين الأشجار ..وساد الاضطراب الصفوف..فماكان من الفاتح إلا أن صاح في جنده وهويتقدمهم:(أيها المجاهدون كونوا جند الله ولتكن فيكم الحمية الإسلامية)وألهب ذلك نار الحماس في جنده ،فانطلقوا كالأسود وانتصروا علي عدوهم .

3-الذكاء:إن فكرة نقل السفن من مرساها في باكشطاش إلي القرن الذهبي ..يجرها علي الطريق البري ..فكرة عظيمة تدل علي سرعة بديهته وذكائه .

4_عزيمته ..فعندما أرسل إلي قسطنطينية يطلب منه تسليم المدينة فرفض ..قال الفاتح :(حسناً عن قريب سيكون لي في القسطنطينية عرش أويكون لي فيها قبر ).

5_عدله..وبالعدل يدوم الملك ..فقد عامل سكان المدينة بكل طبقاتهم بميزان العدل الذي دعا له الإسلام ..فأمن الناس ،وأكرم وفاة رجال الدين النصراني ،واهتم بأعدائه المقاتلين ..فأمنهم علي حياتهم وأكرم وفاتهم .

6_إخلاصه لله سبحانه وتعالي..وأن النصر من الله وله وحده الشكر والحمد.

             

      فتوحاته:
يعتبر فتح القسطنطينية من أعظم الأعمال التي أنجزها محمد الفاتح،ولم يكن هذا الفتح العظيم بمثابة النهاية لأعماله الجليلية ،بل كان بداية لهما ومنطلقاً لإرساء قواعد دولته وتحطيم أعدائه .فقد كان سلطاناً مسلماً عظيماً ،تؤكد جميع أعماله وفتوحاته أنها كانت في سبيل نشر الإسلام وحماية المسلمين من المغيرين المغامرين ،وساعده علي ذلك قيادته لشعب واع وجيش متماسك ،درب علي تحمل المشاق تدريباً جيداً أعطاه ميزة السبق علي أعدائه المنقسمين علي أنفسهم .
وكان دوي المدافع العثمانية يسمع علي الفرات والدانوب وشاطيء ألبانيا وسواحل إيطاليا في آن واحد ،حتي دانت له آسيا الصغري وبلاد اليونان ومعظم شبه جزيرة البلقان ،وأصبح البحر الأسود بحيرة عثمانية بعد استيلائه علي القرم وضمها إلي الدولة العثمانية .

وكان العثمانيون قد وضعوا أقدامهم علي جانبي بحر (الادرياتيك)بعد استيلائهم علي الجزائر الإيونية وميناء أوترانتو الإيطالي وهددوا سلامة إيطاليا والبابوية وأوروبا بأسرها .
وكان أعظم اعماله شأنا وقدراً القضاء علي الدولة البيزنطية وفتح مدينة القسطنطينية ،بعد أن رأي بعيني رأسه تحديات الإمبراطور قسطنطين لوالده،وطيشه واعتداءاته المتكررة علي بعض القري التركية والرعايا العثمانين ،فقد كانت المدينة شوكة في حلق الدولة العثمانية لابد من إزالتها .
            
 





تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة