السلطان محمد الفاتح "فاتح القسطنطينية "،موقع الحياة العامة.

                              

يوم المولد النبوي.

             حكم الإحتفال بالمولد النبوي الشريف :

لمكانة الرسول صلي الله عليه وسلم في نفوس المسلمين قدرعظيم ،فهم يحبونه ويوقرونه ويعظمونه أكثر من أهليهم وأولادهم بل حتي من أنفسهم ..

لكن هذا الحب لابد أن يقترن بمتابعة لسنته عليه أزكي الصلاة وأتم التسليم ،كما قل الحق سبحانه وتعالي :"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم .

ومن المعروف عند معاشر المسلمين أنه لايوجد شخص قد أحب نبينا صلي الله عليه وسلم مثل:حب أصحابه الكرام رضوان الله عليهم له ،وقصصهم في التفاني في حبه معروفة ومدونة في كتب السنة والسيرة ،حتي كان الواحد منهم إذا تذكر رسول الله صلي الله عليه وسلم وهوجالس بين أهله وأولاده يتركهم ثم يأتي رسول الله صلي الله عليه وسلم  شوقاًإليه.

فالقول بأن الإحتفال بدعة منكرة قول صائب ،وذلك لأنه لم يثبت عن نبينا صلي الله عليه وسلم أنه احتفل بيوم مولده ،ولاعن الصحابة ،ولاعن التابعين ،مع أن سبب الإحتفال بالمولد موجود ،ومع ذلك لم يفعلوه ،ولم يفعله من بعدهم من التابعين لهم بإحسان ولو كان في مثل هذه الإحتفالات خير لفعله الصحابة ،ولأمربه النبي صلي الله عليه وسلم ،فدل هذا علي أن هذه الإحتفالات ليست بمشروعة ،وأنها من الأمور المحدثة ،وأول من أحدثها هم الفاطميون في القرن السادس الهجري عند ظهور الدولة الفاطمية .

(العبيديون)وقدكانت تصرفاتهم مشبوهة ،ومن العلماء من أخرجهم من الملة ولاشك في ضلالهم وبعدهم عن منهج السلف الصالح ،نسأل الله العافية والثبات علي السنة والبعد عن البدعة ،فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:(من أحدث في أمرنا هذا ماليس له فهورد).

          حكم الإحتفال بالمولد النبوي في المذهب الحنفي:

لم يبح العلماء من المذهب الحنفي الإحتفال بيوم مولد النبي صلي الله عليه وسلم وقد عدوه بدعة من البدع المستحدثة في الدين ،لذا يجب ترك الإحتفال بهذا اليوم.

                    أما الشيخ ابن عثيمين فقال :

الإحتفال بالمولد النبوي عند ابن عثيمين هوغير جائزومحرم شرعاً،فلايجوز إظهار أي نوع من أنواع الإحتفالات أو الطقوس في هذا اليوم ،لأن يوم مولد النبي اختلف فيه بين العلماء ،فلم يعرف بالتحديد وقت مولده -صلي الله عليه وسلم _لذا هويوم بدعي-لاأصل له.

                            

                           دار الإفتاء تجيب:

أكدت دار الإفتاء المصرية في فتوي لها أن الإحتفال بالمولد جائز شرعاً ولاشيء فيها .

تقول دار الإفتاء المصرية أن الإحتفال بالمولد النبوي الشريف شاهد علي الحب والتعظيم لجناب سيدنا النبي صلي الله عليه وسلم ،وشكر لله تعالي علي هذه المنة كما قال تعالي :(قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ).

والإحتفال بالمولد النبي مشروع بالكتاب والسنة واتفاق علماء الأمة ،فمن الكتاب الكريم قوله تعالي :(وذكرهم بأيام الله )ومن أيام الله تعالي :

أيام نصره لأنبياءه وأوليائه ،وأيام مواليدهم ،وأعظمها قدراً مولد الحبيب المصطفي والنبي المجتبي صلي الله عليه وسلم .

وكرم الله تعالي أيام مواليد الأنبياء عليهم السلام وجعلها أيام سلام فقال سبحانه :(وسلام عليه يوم ولد )"مريم :75.

وفي يوم الميلاد نعمة الإيجاد ،وهي سبب كل نعمة بعدها ،ويوم ميلاد النبي صلي الله عليه وسلم سبب كل نعمة في الدنيا والآخرة .

وقوله تعالي :(قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا)(يونس:58)

والنبي صلي الله عليه وآله وسلم هو الرحمة العظمي إلي الخلق كلهم ؛قال بن عباس رضي الله عنهما :فضل الله :العلم والرحمة :محمد صلي الله عليه وسلم ؛قال تعالي:

(وماأرسلناك إلارحمة للعالمين).

                                  الأدلة :

نشرت دار الإفتاء المصرية أكثر من دليل علي جواز الإحتفال بالمولد 

منها ماقاله الحافظ ابن رجب الحنبلي في "فتح الباري "محبة النبي صلي الله عليه وسلم من أصول الإيمان وهي مقارنة لمحبة الله عزوجل ،وقد قرنها الله بها .

والمراد من الاحتفال بذكري المولد النبوي الشريف :

يقصد به تجمع الناس علي الذكروالإنشاد في مدحه والثناء عليه صلي الله عليه وسلم وإطعام الطعام صدقة لله ،والصيام والقيام إعلاناً لمحبة سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم وإعلاناً للفرح بيوم مجيئه الكريم صلي الله عليه وسلم إلي الدنيا .

ومن السنة النبوية حول أدلة الإحتفال بالمولد النبوي الشريف :

أن النبي صلي الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الإثنين فقال:

ذاك يوم ولدت فيه  "رواه مسلم في صحيحه "عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه .

وهذا إيذان بمشروعية الإحتفال به صلي الله عليه وسلم بصوم يوم مولده .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما :

أن رسول الله قدم المدينة ،فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء ،فقال لهم رسول الله (ماهذا اليوم الذي تصومونه ؟!

فقالوا :هذا يوم عظيم )نجي الله فيه موسي وقومه ،وغرق فرعون وقومه ،فصامه موسي شكراً،فنحن نصومه ،فقال رسول الله "فنحن أحق وأولي بموسي منكم "

فصامه صلي الله عليه وسلم وأمر بصيامه ..متفق عليه .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :

مر النبي صلي الله عليه وسلم بأناس من اليهود وقد صاموا يوم عاشوراء فقال :

"ماهذا من الصوم ؟"قالوا:هذا اليوم الذي نجي الله موسي وبني إسرائيل من الغرق وغرق فيه فرعون ،وهذا يوم استوت فيه السفينة علي الجودي ،فصام نوح وموسي وموسي شكراً لله فقال النبي صلي الله عليه وسلم "أنا أحق بموسي ،وأحق بصوم هذا اليوم ،فأمر أصحابه بالصوم .أخرجه الإمام أحمد في المسند ،وأبو الشيخ ،وابن مردوديه .

وإذا كان الإحتفال بيوم نجاة سيدنا نوح عليه السلام ويوم نصر سيدنا موسي عليه السلام مشروعة ،فإن مشروعية الإحتفال بمولد النبي صلي الله عليه وسلم متحققة من باب أولي .

وعن بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال :

خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم في بعض مغازيه ،فلما انصرف جآءت جارية سوداء فقالت :يارسول الله ،إني كنت نذرت إن ردك الله سالماً أن أضرب بين يديك بالدف وأتغني ،فقال لها رسول الله "إن كنت نذرت فاضربي ،وإلافلا".

رواه بن أبي شيبه في"المصنف"،والإمام أحمد في "المسند"والترمذي في"الجامع"

وصححه ،وابن حبان في"صحيحه"،وصححه ابن القطان ،فإذا جاز ضرب الدف فرحاً بقدوم النبي صلي الله عليه وسلم سالماً،فجواز الإحتفال بقدومه صلي الله عليه وسلم للدنيا أولي .