U3F1ZWV6ZTM1NDI5NDY5MDczNTIzX0ZyZWUyMjM1MTk3MjcwODI2Ng==

"دور الطالب في العملية التربوية "و"الفروق الفردية"، موقع الحياة العامة.

                                                دور الطالب في العملية التربوية 



يقول د.مصطفي محمد الطحان في كتابه التربية ودورها في تشكيل السلوك أنه كما اهتمت المناهج التربوية بتوجيه المدرس ..كذلك فعلت مع الطالب فهما معا طرفا العملية التربوية ..

وكما أن للمربي آداب ينبغي ان يأخذ نفسه به ..كذلك للطالب آداب :

1.يجب أن يكون إقباله علي العلم بنية العبادة لابنية الحصول علي الحظوة في المال أو الجاه ..وفي الحديث الصحيح ..يسأل الله سبحانه وتعالي يوم القيامة ذلك العالم فيقول له : ماذا فعلت ؟ يقول: تعلمت القرآن وعلمته في سبيلك ..فيقول الله عزوجل :كذبت ولكنك تعلمت وعلمت ليقال فلان عالم وقد قيل ..خذوه فألقوه في النار .

والعلم ليس بكثرة حفظ المتون ،ولكن بقرب صاحبه من الله تعالي وخشيته له .

وعليه فعلي المتعلم أن يقدم طهارة النفس عن رذائل الأخلاق ومذموم الأوصاف ،إذ العلم عبادة القلب وصلاة السر وقربة الباطن إلي الله تعالي ،وكما لاتصح الصلاة إلابتطهير الظاهر عن الأحداث والأخباث فكذلك لاتصح عبادة الباطن وعمارة القلب بالعلم إلابعد طهارته من خبائث الأخلاق .

2. أن يعطي العلم كل نفسه 

ومالم يفعل ..فلن يحصل شيئا .

في مراحل الدراسات الجامعية ..كنا نلاحظ طلابا يحفظون جملا قليلة أو متونا يتوقعون أن يسألوا عنها في الإمتحان ..وكنا نلاحظ طلابا قلائل يقبلون علي العلم ليفهموا أسراره ويتفاعلوا معه ..

الفريق الأول يتخرج من الجامعة ومعه شهادة ، لم يستفد هو من العلم ،ولن يستفيد أحدمنه .

والفريق الثاني هو الذي أعطي العلم كل نفسه ..فاعطاه العلم زمامه .

وعليه فإن أسلوب الكتاتيب الإسلامية التي يأتيها طالب العلم من بلاد بعيدة ..ينقطع فيها للعلم ..لايشغله دنيا ولاأهل ولاوطن ..هي من أسباب ارتقاء طالب العلم وتفوقه .

3.علاقته مع معلمه 

(وينبغي أن يصبر الطالب علي جفوة صدرت من شيخه ،وأن يتأول أفعاله وأقواله التي يظهر أن الصواب خلافها علي أحسن تأويل ، ،وأن تكون الصلة بين الطرفين مبنية علي التقدير والآداب والاحترام والاجلال والمحبة ).

قال الشعبي :(صلي زيد بن ثابت رضي الله عنه علي جنازة فجاء ابن عباس رضي الله عنه فأخذ بركابه فقال زيد :خل عنه ياابن عم رسول الله صلي الله عليه وسلم ،فقال ابن عباس :

هكذا أمرنا ان نفعل بالعلماء والكبراء ،فقبل زيد يده ،وقال :هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا صلي الله عليه وسلم .

وقال علي رضي الله عنه : إن من حق العالم أن لاتكثر عليه بالسؤال ولا تعنته بالجواب ،ولاتلح عليه إذا كسل ،ولا تأخذ بثوبه إذا نهض ،ولاتفشي له سراً ،ولاتغتابن أحدا عنده ،ولاتطلبن عثرته ،وإذا زل قبلت معذرته ،وعليك أن توقره وتعظمه لله تعالي مادام يحفظ أمر الله تعالي ،ولاتجلس أمامه ،وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلي خدمته .

4.علي الطالب أن يحترز في مبدأ الأمر عن الاصغاء إلي اختلاف الناس .

سواء كان ماخاض فيه من علوم الدنيا أو علوم الدين ،فإن ذلك يدهش عقله ويحير ذهنه ويجعله يائسا عن الإدراك والاطلاع ،بل ينبغي أن يتقن أولا الطريق الحميدة الواحدة المرضية عند استاذه ،ثم بعد ذلك يصغي إلي المذاهب والشبه .شأنه شأن حديث العهد بالإسلام عن مخالطة الكفار ،ولقد نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما رآه يقرأ في صحائف التوراة ،وقال له :لوكان موسي حيا ماوسعه إلا أن يتبعني .

5. أدب الطالب مع العلوم 

  • لابد للطالب الجاد أن ينظر في العلوم المحمودة النافعة ،نظرا يؤهله فهم هذه العلوم بشكل إجمالي ..ثم يطلب التوسع في جانب من هذه العلوم ،والعلوم متعاونة ومرتبط بعضها ببعض ..فإن لم يفهم هذه العلوم واكتفي بتخصصه فسيبقي جاهلا .
  • وعلي الطالب أن لايخوض في فن من فنون العلم دفعة ،بل يراعي الترتيب ويبتدا بالعلم الاهم .
  • وعليه أن لايخوض في فن حتي يستوفي الفن الذي قبله ،فإن العلوم مرتبة ترتيبا منطقيا وبعضها طريق إلي بعض ،والطالب الموفق من يراعي ذلك الترتيب والتدرج .                                                                                                                                          
  • الفروق الفردية :
  • إن الأفراد ليسوا أنماطاً متناظرة متماثلة في مواهبهم وقدراتهم ،كما انهم ليسوا بشكل واحد في مظاهر أجسامهم .فهناك فروق عديدة بين كل إنسان وآخر ،قد تكبر تلك الفروق وتتسع ،وقد تصغر وتضيق ،ولكنها موجودة علي كل حال . 

                                                                

                                  الموهبة استعداد فطري ،يحمله إنسان معين ، ولكل فرد موهبة معينة ،تكمن فيها فتيلة الإبداع ،وتظل هذه الفتيلة كامنة إلي أن يهيئ لها الله من يكتشفها ،فحينئذ يتفجر الإبداع و(كل ميسر لما خلق له ).

    وللمواهب دور خطير في كل المجالات ،فالحاكم الموهوب يقود أمة مبدعة ،والزوج الموهوب ينجب ذرية نافعة ذكية ويبني أسرة صالحة ،والمعلم الحكيم يخرج طلابا عباقرة ، وكل هذه المواهب تحتاج من يكتشفها ،فهي كاللبن لا تخرج الزبدة منه ،إلا بعد خضه ،لقد اهتم الإسلام باكتشاف المواهب ،حتي في ملاعب الأطفال المعدين فطريا منذ صغرهم لشتي المجالات . ولهذه الفروق في المواهب حكم تربوية واضحة فهي :

    • تؤكد قدرة الله سبحانه وتعالي وبديع صنعه ودقيق علمه .إن أعظم معمل لصناعة السيارات مثلا لايستطيع أن ينتج كل يوم ملايين السيارات ،وكل سيارة منها لها تركيبها الخاص ،وأجهزتها الفردية ،مما يجعلها تختلف عن غيرها ..لأن العقل الإنساني والصناعي لايستطيع ذلك .ولأنه يحتاج في كل نموذج معين إلي مهندس خاص ومعمل مستقل وعمال متميزين ..بينما الله الخالق فإنه منذ أول الخليقة من(آدم ) عليه السلام إلي يومنا هذا ،وإلي ماشاء الله ،يخلق كل دقيقة آلاف الناس ،وكل إنسان له فرديته وميزته وشخصيته ..وله فروقه الخاصة ..في صوته وشكله ..وقدرته وتركيب جسمه وأطرافه ..بل في انطباعاته (انطباعات يديه ورجليه ) ،ويصمات أصابعه ..يقول تعالي "أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه بلي قادرين علي أن نسوي بنانه ).
    • حكمة اجتماعية تربوية ،فالمجتمع الإنساني يجب أن يكون متكاملا متعاونا ،وفرد واحد مهما أوتي من ذكاء وعبقرية أو علم غزير ،أو مال واسع ،أو جسم قوي متين ،أوكفاية أجتماعية ناجحة ..لايستطيع أن يكون كل شيء ،أو ان يستغني عن غيره في أكثر المتطلبات اليومية .
    لذلك فالمجتمع المتكامل هو الذي فيه مدرس ومهندس ،وفيه عامل ومزارع ،وفيه طبيب وصيدلي ،وفيه تاجر وحداد وطحان ،وفيه موظف ومدير ، وفيه قائد وجندي ،قال تعالي : (ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ  بعضهم بعضاً سخريا) .

    • خلقية انسانية ،فالانسان مهما أوتي من ذكاء أوقوة أو علم فعليه ألايغتر بذلك ولايتكبر علي سواه .فإنه في أمس الحاجة إلي من هو أدني منه . فالمهندس لابد له من من مساعدين وعمال .والمدرس لابد له من طالب علم .
    والجانب الخلقي والتربوي يظهر فيمن لديه نقص أو ضعف في جانب واحد من قدراته ..فهذا عليه ألايركز حياته علي مواطن ضعفه فيعيش حياته أسيرا لهذه الدائرة ..بل عليه أن يركز علي مواطن القوة لديه ..وسيعالج ذلك مواطن ضعفه تلقائياً .

    والله سبحانه وتعالي إن سلب من أحد شبيئاً فإنه يعطيه في أشياء أخري ،فقد تجد الرجل النحيل في جسمه قوياً في عقله ،وقد تجد من فقد حاسه قد عوضه الله عنها نشاطاً زائداً في حواسه الأخري .

    تري الرجل النحيل فتزدريه          وفي أنوابه أسد هصور  

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة