U3F1ZWV6ZTM1NDI5NDY5MDczNTIzX0ZyZWUyMjM1MTk3MjcwODI2Ng==

أساليبه صلي الله عليه وسلم في التربية ،موقع الحياة العامة .

             أساليبه صلي الله عليه وسلم في التربية

                                     التربية بالقصة 

                                  

والقصة نوع من الأدب له جماله وسحره ومتعته .يشغف به الصغار والكبار .ولقد تفنن القصاص عبر العصور في امتلاك ناصية الجمهور من خلال قصص مفتعلة ..قد يكون لها أساس وقد لايكون ..شغلوا بها الناس وضيعوا لهم أوقاتهم ،وصار الناس منقسمين مع أبطال القصة ..يؤيد هذا الفريق بطلا ..ويؤيد الفريق الآخر بطلا ..ولقد أخرج سيدنا علي رضي الله عنه القصاص (من هذا الصنف )من مسجد جامع البصرة .
والقصة في القرآن الكريم ليست عملا فنيا مستقلا في موضوعه وطريقة عرضه وإدارة حوادثه كما هو الشأن في بقية القصص الفنية ..إنما هي وسيلة من وسائل التربية الإسلامية التي تسهم في بناء الشخصية الإسلامية من خلال توصيل المعلومات والحقائق بطريقة شيقة لذيذة ،وتربية الأطفال تربية خلقية صحيحة فهي تضع المثل أمامهم وتستثير ميلهم إلي التقليد وتحرك قابليتهم للاستهواء .

والإسلام يدرك هذا الميل الفطري للقصة ويدرك مالها من تأثير ساحر علي القلوب فاستغلها لتكون وسيلة من وسائل التربية والتقويم .
وهو يستخدم كل أنواع القصة : القصة التاريخية الواقعية المقصودة بأماكنها وأشخاصها وحوادثها.
والقصة الواقعية التي تعرض نموذجا لحالة بشرية ،فيستوي أن تكون بأشخاصها الواقعيين أو بأي شخص يتمثل فيه ذلك النموج .
والقصة التمثيلية التي لاتمثل واقعة بذاتها ،ولكنها يمكن أن تقع  في أية لحظة من اللحظات وفي أي عصر من العصور .
من النوع الأول كل من قصص الأنبياء .وقصص المكذبين بالرسالات وما أصابهم من جراء هذا التكذيب .وهي قصص تذكر بأسماء أشخاصها وأماكنها وأحداثها علي وجه التحديد والحصر :
موسي وفرعون ،عيسي وبني إسرائيل ،صالح وثمود ،هود وعاد ،شعيب ومدين ،لوط وقريته ،نوح وقومه ،إبراهيم وإسماعيل ..الخ .

ومن النوع الثاني قصة ابني آدم :
(واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخرقال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ماأنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين ).

ومن النوع الأخير قصة صاحب الجنتين :
(واضرب لهم مثلا رجلين ،جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا وكان له ثمر فقال لصاحبه وهويحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ودخل جنته  وهو ظالم لنفسه قال ماأظن أن تبيد هذه أبدا وماأظن الساعة قائمة ولئن رددت إلي ربي لأجدن خيرا منها منقلبا قال له صاحبه وهويحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا ولو إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لاقوة إلابالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسي ربي أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا أويصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه علي ماأنفق فيها وهي خاوية علي عروشها  ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وماكان منتصرا)
والقرآن الكريم يستخدم القصة لجميع أنواع التربية والتوجيه التي يشملها منهجه التربوي :تربية الروح وتربية العقل وتربية الجسم والتوقيع  علي الخطوط المتقابلة في النفس والتربية بالقدوة والتربية بالموعظة ،فهي سجل حافل لجميع التوجيهات .
قال تعالي :(إن هذا لهو القصص الحق ).
وقال أيضا:(نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرأن ).

لقد كان في قصصهم عبرة 
والقرآن الكريم لايسوق من القصة إلا مايتعلق بالغرض الذي سبقت من أجله ،كي تظل العلاقة وثيقة بين القصة والمناسبة الداعية لذكرها .من أجل ذلك لانكاد نجد القرآن يسرد القصة سردا تاريخيا تبعا لسلسة الوقائع والأحداث ،إذ من شأن ذلك أن تبتعد القصة بالقاريء عن المناسبة والغرض الأصلي .
في قصة أصحاب الكهف ..قال القرآن الكريم :(إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدي)
من هؤلاء القوم ،وفي أي بلدة كانوا يعيشون ،وكم كان عددهم ،وماهي أسمائهم ؟
لقد كان مقتضي السرد التاريخي أن تجيب القصة عن هذه الأسئلة كلها ،ولكنها لو سرت علي هذا المنوال ،لغفل القاريء عن العبرة والعظة اللتين سيقت القصة من أجلهما .وحتي لايندمج القاريء مع أحداث القصة وينصرف إليها بكل تفكيره ،نجد القرآن الكريم يقطع أحداثها بالعظات والعبر التي يريد أن يلفت النظر إليها ..
قال تعالي في سورة يوسف :(ياصاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله اللواحد القهار ماتعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ماأنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمرا ألاتعبدوا إلاإياه ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لايعلمون . ياصاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا).
لقد أدخل العبارات الإرشادية والعبرة ضمن أحداث القصة ..ليلفت النظر لها ،فقد سيقت القصة من أجلها .
قال تعالي :(لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ) .
وقال أيضا :(إن في ذلك لعبرة لمن يخشي ).
فأهداف دراسة التاريخ من وجهة النظر التربوية هي :
  • البحث عن العبرة في الحدث التاريخي .
  • والبحث عن تحقيق سنة من سنن الله في الأمم والأجيال ،فأحداث التاريخ لاتمضي عبثا بل وفق سنن لاتتخلف ،المقدمات فيها تفضي إلي النتائج المقررة .
  • والبحث عن أثر إصلاح النفس البشرية وتربيتها في مجري الحوادث التاريخية (ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها علي قوم حتي يغيروا مابأنفسهم ).
  • والبحث عن حكمة الله وتدبيره في ضرب الظالمين (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوت ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ).
  • ومعرفة أن الغاية من القوة والغلبة والتمكن في الأرض هي إقامة شرع الله (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ).
  • والبحث عن الموازين الربانية في الأحداث التاريخية ،مما يمكن الدارس للتاريخ الذي تعرف علي السنن الربانية من معرفة صواب الأحداث من خطئها ..ومن تمديد ذلك إلي أحداث المستقبل .
قصص نبوية 
                        

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال :(بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش ،فوجد بئرا فنزل فيها ،فشرب ثم خرج ،فإذا كلب يلهث يأكل الثري من العطش ،فقال الرجل :لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني ! فنزل البئر فملأ خفه ماء،ثم أمسكه بفيه حتي رقي فسقي الكلب ،فشكر الله له فغفرله .قالوا:يارسول الله ،وإن لنا في البهائم لأجرا ؟فقال :في كل كبد رطبة أجر).
  • وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال (عذبت امرأة في هرة ربطتها حتي ماتت ،فدخلت فيها النار ،لاهي أطعمتها ،ولاسقتها إذ حبستها ،ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ).
وعلي المربي
أن يشجع الشباب علي قراءة السير،وأن يختار القصص التي تنمي المواهب المختلفة علي أن تكون بعيدة عن الإسفاف والسفه وإثارة الغرائز .
وأن تكون واضحة المعني بينة الحكمة خالية من الخرافات والأساطير مقتصرة علي الحقائق سواء كانت علمية أو تاريخية بأسلوب مهذب رقيق مفهوم وشيق ورشيق ).


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة