U3F1ZWV6ZTM1NDI5NDY5MDczNTIzX0ZyZWUyMjM1MTk3MjcwODI2Ng==

شخصية النبي التربوية ،موقع الحياة العامة.

              "   شخصية النبي التربوية "

    ملامح شخصية النبي صلي الله عليه وسلم التربوية :

1. حضه علي التعلم والتعليم 




قال تعالي :(هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ).
علمهم وزكاهم ..وأمرهم بأن يشيعوا العلم والحكمة بينهم ..قال لهم صلي الله عليه وسلم (والله ليعلمن قوم جيرانهم ، ويفقهونهم ،ويفطنونهم ،ويأمرونهم ،وينهونهم ،وليتعلمن قوم من جيرانهم ،ويتفقهون ،ويتفطنون ،أو لأعاجلنهم العقوبة في الدنيا ).
إن هذا الموقف العظيم الذي يعتبر التقصير في التعلم والتعليم جريمة إجتماعية ،يستحق مرتكبها العقوبة الدنيوية :موقف لم يروي التاريخ له مثيلاً في تقديس العلم ،قبل النبي صلي الله عليه وسلم ولا بعده .
والأمر هنا في(التعلم والتعليم )ليس لمجرد الندب ..بل هو فريضة لقوله صلي الله عليه وسلم (طلب العلم فريضة علي كل مسلم ).
فإذا قصر العالم في واجب التعليم ،أو قصر الجاهل في تعلم القدر الواجب من العلم ..استحقا عقوبة التعذير .
والعلم المطلوب هوكل علم نافع في أمور الدنيا والدين ،يبني الفرد ويبني المجتمع ويفيد الإنسانية ..أما العلم الذي لاينفع فقد حذرنا منه المعلم الأول صلي الله عليه وسلم فقال :(اللهم إني أعوذ بك من علم لاينفع ).

2.رؤوف رحيم 


والعلم لن يتعدي الشفاه ..مالم تقم علاقة محبة ورحمة بين المعلم والمتعلم .
لقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم من الرأفة والرحمة ،وترك العنت وحب اليسر ،والرفق بالمتعلم ،والحرص عليه ،وبذل العلم والخير له في كل وقت ومناسبة :بالمكان الأسمي والخلق الأعلي قال تعالي :(لقد جاءكم رسول من أنفسكم ،عزيز عليه ماعنتم ،حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ).
لقد كانت الرحمة عنده صلي الله عليه وسلم تعاليما وسلوكا ..قال: (لايرحم من لايرحم الناس ).وقال :(لاتنزع الرحمة إلا من شقي ).وقال :(الراحمون يرحمهم الله تعالي ،ارحمزا من في الأرض يرحمكم من في السماء ).وقال :(إنما مثلي ومثل أمتي كمثل رجل استوقد نارا فجعلت الدواب والفراش يقعن فيه ،فأنا آخذ بحجزكم وأنتم تقتحمون فيه ).
والمربي المحروم من الرحمة ،الغليظ القلب ،لاينجح في عمله ،ولايقبل الناس عليه ،قال تعالي :(فبما رحمة من الله لنت لهم ،ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك).
  • عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال:أتينا النبي صلي الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون ،فأقمنا عنده عشرين ليلة ،وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم ،وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم رحيما رفيقا ،فلما ظن أنا قد اشتقنا أهلنا ،سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه ،قال :(ارجعوا إلي أهليكم ،فأقيموا فيهم ،وعلموهم ،ومروهم ،وصلوا كما رأيتموني أصلي ،فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ،وليؤمكم أكبركم ).
3.رفيق بالمتعلمين 



لم يستخدم رسول الله صلي الله عليه وسلم العنف والفظاظة وهويواجه المواقف الصعبة .أخذ الناس بالرفق واللين فهما الطريق الأقرب إلي القلوب .قال تعالي :(فبما رحمة من الله لنت لهم .ولوكنت فظاغليظ القلب لانفضوا من حولك .فاعف عنهم واستغفر لهم .وشاورهم في الأمر .فإذا عزمت فتوكل علي الله .إن الله يحب المتوكلين ).
وهذه آية شاملة لأهم الخصائص النفسية في شخصية المربي مثل :
  • الرحمة اللينة الواعية بدل الشدة أو الغلظة التي تحطم العلاقات السوية الايجابية .وحتي إذا سبق من المتعلم خطيئة ..فعلي العلاقات المتبادلة أن تظل قوية ..وقوتها إنما تنفد من العفو والسماح .
  • ثم لابد من إشعار المتعلم بكرامته وشخصيته وأهميته (وشاورهم في الأمر )..لأن المرء لايتعلم إلاإذا أحب معلمه ،وعلاقات المحبة إنما تنموا سعيدة بالاحترام المتبادل .
لقد وضح لنا ربنا عزوجل كيف نترفق بالناس رغم إيذائهم ،قال تعالي (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ).
وأن ذلك من عزم الأمور ،قال تعالي :(ولاتستوي الحسنة ولاالسيئة ،ادفع بالتي هي أحسن ،فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ،ومايلقاها إلا الذين صبروا ،ومايلقاها إلا ذو حظ عظيم ).
لقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم :(يحب الرفق في الأمر كله ).
(فالرفق لايكون في شيء إلا زانه ،ولاينزع من شيء إلا شانه ).

وعلي الداعية أن يقتدي بالمعلم الأول صلي الله عليه وسلم الحليم الرفيق ،(فمن يحرم الرفق ،يحرم الخير كله ).

4.يعطي كل جلسائه حقهم 
وهذه ميزة عظيمة كان يتمتع بها رسول الله صلي الله عليه وسلم ..فلم يكن أحد من أصحابه يشعر بأن غيره أقرب إلي قلب النبي منه.

  • روي سيدنا علي رضي الله عنه في وصفه لمجلس رسول الله صلي الله عليه وسلم ،قال :(كان يعطي كل جلسائه بنصيبه  ،لايحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه ).



5.يحسن الاستماع ويتواضع للسائل 



والاستماع الجيد ضرورة لاستيعاب الأمر ..وبدونه لايمكن اتخاذ القرار الصائب ..ونصف الكلام لاجواب له .ومن حسن الاستماع :
  • التفرغ لمحدثك فلاتنشغل عنه بقضية أخري ..الأمر الذي يساعدك علي فهم عبارة محدثك وملاحظة إشارته وصوته ووجهه ،وكلها ضرورية لفهم الحديث .
  • التركيز علي صلب الموضوع والابتعاد عن الأمور الهامشية .
  • الابتعاد عن سرعة الاستنتاج أواتخاذ أحكام متسرعة بحق السائل .ولننظر إلي سلوك النبي وهويحسن الإستماع ويتواضع للسائل :
  • عن أبي رفاعة العدوي رضي الله عنه قال :(انتهيت إلي النبي صلي الله عليه وسلم وهويخطب ،فقلت :يارسول الله ،رجل غريب جاء يسأل عن دينه ،لايدري مادينه .
قال :فأقبل علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ،وترك خطبته حتي انتهي إلي ،فأتي بكرسي ،قال :فقعد عليه وجعل يعلمني مما علمه الله ،ثم أتي خطبته فأتم آخره ).
لقد فرغ النبي صلي الله عليه وسلم نفسه لهذا السائل ،فقام إليه وجلس بجانبه ،واستمع منه ،ثم أجابه .
  • وعن أنس رضي الله عنه :أن امرأة قالت :(يارسول الله إن لي إليك حاجة ،فقال صلي الله عليه وسلم :ياأم فلان ،انظري أي السكك شئت حتي أقضي لك حاجتك ،فخلامعها في بعض الطرق ،حتي فرغت من حاجتها ).
طلب النبي صلي الله عليه وسلم من هذه المرأة أن تشرح له قضيتها في الزمان والمكان المناسبين لها ..حتي يتفرغ لسماعها وإفادتها .

6.كلامه فصل 
  • ذكرت السيدة عائشة رضي الله عنها وهي تتحدث عن النبي صلي الله عليه وسلم قالت :(ماكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يسرد كسردكم هذا ،ولكن كان يتكلم بكلام بين فصل يحفظه من جلس إليه ).
  • وروي أنس رضي الله عنه قال :(كان رسول الله صلي الله عليه  وسلم يعيد الكلمة ثلاثا لتعقل عنه ).
  • وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يفتتح الكلام ويختتمه باسم الله تعالي ،ويتكلم بجوامع الكلم ،كلامه فصل ،لافضول ولاتقصير .
بهذا الصوت الأليف والنبرة الحانية الوادعة ..والهدوء في تناول الأمور ..كان صلي الله عليه وسلم يفتح القلوب لتلقي الموعظة .

7.يختار الأسلوب الأنسب لنفسية المتعلم 
التربية الناجحة هي التي تراعي حالة المتعلم الجسمية ،واستعداده النفسي والعقلي للفهم والاستيعاب والتنفيذ أثناء عملية التعليم .
فمن ذهب إلي نائم وألقي عليه درسا  ،كان عمله عابثا ..ومن أتي بطالب ناشيء في روضة الأطفال ،أو المدرسة الابتدائية وألقي عليه محاضرة جامعية كان جهده ضائعا ..وإذا وجدت إنسانا يغرق فليس من الحكمة التربوية أن تلقي عليه محاضرة في أهمية النجاة العاجلة .
وكذلك إذا وجدت إنسانا محاصرا  في منزل شبت فيه النار ،فصياحك عليه بضرورة المحافظة علي سلامته ،وإعلامه بآثار الحريق الضارة لايفيد ..ولننظر في هذا الموقف التربوي الذي سجله النبي صلي الله عليه وسلم في تعامله مع الآخرين .
ولننظر إلي توجيهات النبي صلي الله عليه وسلم التربوية ،وكيف كان يختار الأسلوب الأنسب لنفسية المتعلم ..ويختار الوقت المناسب الذي يراعي حالة المتعلم الجسمية والإدراكية والنفسية والصحية أثناء العملية التربوية .
  • عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلي الله عليه وسلم  إذجاء أعرابي وقام إلي ناحية المسجد ،وجعل يبول فصاح به الناس وقالوا (مه .مه )،فقال الرسول المربي :(لاتزرموه )فتركوه حتي انتهي .ثم إن رسول الله دعاه فقال له:
(إن هذه المساجد لاتصلح لشيء من هذا البول ،ولاالقذر ،إنماهي  لذكر الله عزوجل ،والصلاة ،وقراءة القرآن ).
ثم إنه أمر رجلامن القوم فجاء بذنوب _بدلوا من ماء _فشنه _حسه عليه .
في هذا الحديث النبوي توجيهات تربوية بليغة في مراعاة حالة المتعلم النفسية ،والاجتماعية ،والجسمية ،والصحية .لأن كل عملية للتعليم تهمل جانب المتعلم هي عملية فاشلة عقيمة .

ففي قوله صلي الله عليه وسلم :(لاتزرموه) حكمة نفسية اجتماعية بالغة ،وهي أن الإنسان المدرك يميل فطريا إلي التستر والاختفاء والبعد عن الجماعة أثناء عملية التخلص من الفضلات ..فمحاولة التشهير والإعلان فيها إحراج نفسي ،وخجل اجتماعي ،لايكون الإنسان معها في موقف يعينه علي الإنتباه والفهم والتعلم .كماأن التوقف أو الامتناع الطويل يتطلب جهدا مضنيا لأعصابه القابضة علي عدم الانطلاق ..وهي جهود إذا استمرت فإنها تسبب آلاما وأمراضا .

وهنا تظهر الحكمة التربوية النبوية في (لاتزمروه )في الجانب النفسي ،والجسمي ،والصحي للمتعلم .
ثم هب أننا أغفلنا كل ماتقدم من الحكم التربوية ،وفرضنا أن الرجل قد سمع إلينا وحملناه الآثار السيئة في نفسه وجسمه ..فإن الغرض الشرعي المطلوب لايتحقق بل إنه علي العكس من ذلك ..فبدل أن المكان الذي أصابته النجاسة صغيرا محدودا يكفيه دلو من الماء ،فإنه حين يمشي الرجل ..سينشر النجاسة من مكان إلي مكان في مساحة اكبر من المسجد ولايكفيه عشرات من الدلاء .

8.رعايته الفروق الفردية في المتعلمين 
لقد كان المعلم الأول صلي الله عليه وسلم شديد المراعاة للفروق الفردية والنفسية بين المتعلمين من المخاطبين والسائلين ،فكان يخاطب كل واحد بقدر فهمه وبما يلائم منزلته ،وكان يحافظ علي قلوب المبتدئين ،فلايعلمهم مايعلم المنتهين .وكان يجيب كل سائل عن سؤاله بما يهمه ويناسب حاله .
وللنظر في هذه المواقف التربوية ..وكيف كان النبي صلي الله عليه وسلم يوجه أصحابه كلا حسب قدرته علي الاستيعاب وحاجته .

إذاًيتكلوا 
عن أنس بن مالك أن النبي صلي الله  عليه وسلم (ومعاذ بن جبل رديفه علي الرحل )قال: يامعاذ ،قال :لبيك رسول الله وسعديك ،قال :يامعاذ ،قال :لبيك رسول الله وسعديك .
قال: مامن عبد يشهد أن لاإله إلا الله ،وأن محمدا عبده ورسوله ،صدقا من قلبه إلا حزمه الله علي النار ،قال :يارسول الله أفلا أخبر به الناس فيستبشروا ؟قال:لا،إذا يتكلوا .
لقد خص نبي الله صلي الله عليه وسلم بهذا العلم الدقيق قوما فيهم الضبط وصحة الفهم ،وأوصي بأن لايبذل هذا العلم لمن لايحسنون فهمه فيتكلوا.

إن الشيخ يملك إربه 
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال :(كنا عند النبي صلي الله عليه وسلم ،فجاء شاب فقال :يارسول الله أُقبّّل وأنا صائم ؟قال:لا،فجاء شيخ فقال :أقبل وأنا صائم ؟قال:نعم ،فنظر بعضنا إلي بعض ،فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :قد علمت لم نظر بعضكم إلي بعض ،إن الشيخ يملك نفسه ).
وفرق بين الشاب المتقد حيويته ..وبين الشيخ الذي فقد الكثير من حيويته 
هذا الفرق اقتضي التوجيه التربوي المختلف .

ففيهما فجاهد 

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال :(جاء رجل إلي النبي صلي الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد ،فقال :أحي والدك ؟قال :نعم ،قال:ففهيما فجاهد).
هذا مع ماعرف عن النبي صلي الله عليه وسلم من الحض علي الجهاد والهجرة والترغيب فيهما ،ولكنه صلي الله  عليه وسلم لاحظ حال هذا السائل ..فرأي بر الوالدين أهم وأفضل في حقه من الجهاد .

أوصني بشيء 
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال :(قلت :يارسول الله ،أوصني ، قال :اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها ،وخالق الناس بخلق حسن).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه :(أن رجلا قال للنبي صلي الله عليه وسلم أوصني بشيء ،ولاتكثر علي لعلي أعيه ،قال لاتغضب .فردد ذلك مرارا ،كل ذلك يقول :لاتغضب).
سؤال واحد أجاب عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم إجابات مختلفة تتناسب مع كل سائل .

كيف النجاة؟

  • وعن  أبي هريرة رضي الله عنه :(أن أعرابيا جاء رسول الله صلي الله عليه وسلم ،فقال :يارسول الله ،دلني علي عمل إذا عملته دخلت الجنة ،قال:تعبد الله لاتشرك به شيئا ،وتقيم الصلاة المكتوبة ،وتؤدي الزكاة المفروضة ،وتصوم رمضان ،قال :والذي نفسي بيده لا أزيد علي هذا شيئا أبدا ولاأنقص منه .فلما ولي قال النبي صلي الله عليه وسلم :من سره أن ينظر إلي رجل من أهل الجنة فلينظر إلي هذا ).
  • وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه :(أن رجلا قال :يارسول الله ،إن شرائع الإسلام قد كثرت علي ،فأخبرني بشيء أتشبت به ،قال :لايزال لسانك رطبا من ذكر الله ).
  • وعن سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه ،قال :(قلت يارسول الله ،قل لي في الإسلام قولا لاأسأل عنه أحدا بعدك ،قال :قل :آمنت بالله ثم استقم ).
  • وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال :(قلت يارسول الله ماالنجاة ؟قال :أملك  عليك لسانك ،وليسعك بيتك ،وابك علي خطيئتك ).
أسئلة كثيرة عن أفضل الأعمال ..أجاب عنها النبي صلي الله عليه وسلم كل سائل بمايلائم وضعه .

أي الإسلام خير ؟

  • وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه :(أن رجلا سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم :أي الإسلام خير ؟قال :تطعم الطعام ،وتقرا السلام علي من عرفت ولم تعرف ).
  • وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه :(أن رجلا سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال :أي المسلمين خير ؟فقال :من سلم المسلمون من لسلنه ويده ).

أي الأعمال أفضل ؟
  • وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :(سئل النبي صلي الله عليه وسلم :أي الأعمال أفضل ؟قال :إيمان بالله ورسوله ،قيل :ثم ماذا ؟قال :جهاد في سبيل ،قيل :ثم ماذا ؟قال:حج مبرور ).
  • وعن عبد الله بن  مسعود رضي الله عنه قال:(سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم :أي العمل أفضل ؟قال :الصلاة لوقتها ،قال :قلت :ثم أي ؟قال:بر الوالدين ،قال:قلت :ثم أي ؟قال:الجهاد في سبيل الله ،فماتركت أستزيده إلا إرعاء عليه ).
  • وروي أبو يعلي عن رجل من ختعم قال :(أتيت النبي صلي الله عليه وسلم ،وهو في نفر من أصحابه .فقلت :يارسول الله ،أي الأعمال أحب إلي الله ؟قال :الإيمان بالله ،قال :قلت :يارسول الله ،ثم مه (أي ثم ماذا )؟قال:ثم صلة الرحم ،قال :قلت:يارسول الله ،ثم مه؟قال :ثم الأمر بالمعروف ،والنهي عن المنكر ).
أجوبة مختلفة لأسئلة متشابهة ..راعي فيها الرسول المعلم صلي الله عليه وسلم أحوال السائلين ..ومايحتاجون إليه.

9.يتدرج معهم 

كان المعلم الأول صلي الله عليه وسلم يراعي التدرج في التعليم ،يقدم الأهم فالمهم ،ويعلم شيئا فشيئا نجما نجما ،ليكون أقرب تناولا،وأثبت علي الفؤاد حفظا وفهما .
عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم بعث معاذا إلي اليمن ،فقال :إنك ستأتي قوما من أهل الكتاب ،فادعهم إلي شهادة أن لاإله إلا الله وأني رسول الله ،فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة ،تؤخذ من أغنيائهم فترد علي فقرائهمم ،فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم ،واتق دعوة المظلوم ،فإنه ليس بينها وبين الله حجاب .

10.يقابل الإساءة بالإحسان 

إن العلاقات المحببة النشيطة ،ينبغي أن تكون ركنا أساسيا في تكوين كل شخصية إنسانية كريمة ..لتعيش سعيدة في ذاتها ،ولتنشر السعادة فيمن حولها ..بيد أن هذا السلوك أشد وجوباوإلحاحا في شخصية كل من له سلطان تربوي نفسي ،أوسلطان تعليمي توجيهي ،أوسلطان إداري إشرافي ..فسلامة الصدر ،وكبر القلب ،وهدوء النفس ..كل ذلك عوامل عاطفية عقلية هي أساسية في نجاح تلك العلاقات الإنسانية .

دعونا نعش قليلا في أحد المواقف التربوية النفسية الرائعة التي نجدها ماثلة في حياة الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم ،لتكون مثلا أعلي لكل مرب أو معلم .
ذاك أعرابي ..عاش في البادية ،وقد أتي أول مرة إلي المدينة .فيفد إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم يطلب شيئا من الصدقة ،فيعطيه النبي صلي الله عليه وسلم ماكان لديه حاضرا .ثم يسأل الأعرابي :(أأحسنت إليك )..قال الأعرابي منكرا بقسوة :(لا،ولاأجملت )..سمع ذلك من كان حاضرامن الصحابة ،فغضبوا من هذا الرد السيء يقابل به الرسول الكريم ،ولكنه أشار إليهم فورا ،أن كفوا عنه ..وقام صلي الله عليه وسلم فدخل منزله واتي بما ينعم به علي الإعرابي ثم أرسل إليه وزاده ..وهنا يسأله رسول الله صلي الله عليه وسلم :(أأحسنت إليك )؟ّ!
قال الأعرابي :نعم أحسنت وأجملت ..وجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا .
إنه أعرابي يمثل صفاء البادية وتلقائيتها ،كل مافيها ظاهر وصريح ،وقاس ومباشر .ولكنه الرسول المربي ،وهويعلم هذه النفسية ،عاملها بما يلائمها ،وإلي هنا والحادثة لم تنته ،إذ قال _عليه الصلاة والسلام _للأعرابي بعد أن رضي :
(..إنك قلت ماقلت ،من عدم رضائك أولا ،وفي نفس أصحابي عندما سمعوك من ذلك شيء عنك ،فإن أحببت _ولننظر لهذا الرجاء المؤدب _فقل بين أيديهم ماقلت بين يدي ،حتي يذهب مافي صدورهم عليك ..).

إنه علاج تربوي نفسي للجانبين معا في آن واحد .علاج للأعرابي ليصلح مابدرمنه ،وعلاج لنفوس الصحابة فيرضون عن ذلك الأعرابي .ويجيب الأعرابي بكل صفاء نعم .فلما كان العشي وتجمع الصحابة جاء رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال :(إن هذا الأعرابي قد قال ماقال ..ثم زدناه .فزعم انه قد رضي ،أكذلك ؟).
قال الأعرابي :نعم ،فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا..
والختام التربوي الهام للحادثة :
كان تحليلا لنفسية الأفراد ولاسيما في عمليتي التربية والإدارة .إذ أن حسن المعاملة ،ورد الإساءة بالإحسان يضفي حسن السلوك ،إن عاجلا أم آجلا ،ويضفي السعادة النفسية فورا.
وفي ختام هذه الحادثة مثل توضيحي لتلك العلاقات الإنسانية النفسية .إذ يقول الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم :
(مثلي ومثل هذا ،مثل رجل له ناقة شردت عليه ،فاتبعها الناس ليقبضوا عليها ،فلم يزيدوها إلانفورا...فناداهم صاحبها :خلوبيني وبين ناقتي ،فإني أرفق بها منكم وأعلم ،فتوجه إليها بين يديها،واخذ لها من قمام الأرض من أعشابها ،فردها هادئة وجاءت واستناخت وشدعليها رحلها واستوي عليها..).
وأختتم الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم هذه الحادثة بقوله :
(وإني لو تركتكم حيث قال الرجل فقتلتموه دخل النار ..).


                                        






تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة